المبادرة المقترحة هي استراتيجية دعوية إسلامية رقمية متكاملة تستهدف الناطقين بلغة الكينيارواندا في رواندا وبوروندي وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. تستند هذه المبادرة إلى إطار عمل ناجح تم تطويره لمبادرة مماثلة في مدغشقر، مع تكييفه ليناسب الخصائص التاريخية والاجتماعية والثقافية والدينية لمنطقة البحيرات الكبرى. الهدف الرئيسي هو تقديم رسالة الإسلام السمحة بطريقة معاصرة ومؤثرة، وبناء جسور التفاهم والحوار بين الأديان، وزيادة الوعي الإيجابي بالإسلام، وتوفير الموارد التعليمية للمسلمين الجدد، والمساهمة بشكل إيجابي في النسيج الاجتماعي للمنطقة، خاصة في جهود إعادة البناء الوطني والمصالحة في رواندا وبوروندي.
التحدي الأكبر يتمثل في النقص الحاد في المحتوى الإسلامي الموثوق والمتاح بلغة الكينيارواندا. للتغلب على هذا، تقترح الاستراتيجية توظيف الذكاء الاصطناعي كـ "قفزة تكنولوجية" لتمكين الترجمة السريعة والدقيقة، وتوليد المحتوى الصوتي بلهجات محلية، وتطوير روبوتات محادثة تفاعلية لتقديم الدعم والإجابة على الاستفسارات على مدار الساعة. يعتمد هذا النهج على الاستفادة من نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل GPT-4 في الترجمة الدقيقة والسياقية، وخدمات تحويل النص إلى كلام (TTS) لتوليد الصوت الأصيل، وخدمات النسخ لتحويل الصوت إلى نص وإنشاء ترجمات لزيادة إمكانية الوصول.
تعتبر لغة الكينيارواندا (والكيروندي التي يفهمها المتحدثون بالكينيارواندا بسهولة) رابطًا لغويًا موحدًا يجمع أكثر من 24 مليون شخص في رواندا وبوروندي وشرق الكونغو وأوغندا وتنزانيا. على عكس العديد من المناطق الأخرى في أفريقيا التي تتميز بتجزئة لغوية شديدة، يخلق الفهم المتبادل بين هاتين اللغتين ما يمكن تسميته "تأثير المضاعف اللغوي". هذا يعني أن المحتوى المنتج بلغة الكينيارواندا يتطلب تعديلات طفيفة فقط ليفهمه جمهور المتحدثين بالكيروندي، والعكس صحيح. يقلل هذا التقارب اللغوي بشكل كبير من تكلفة وتعقيد إنتاج المحتوى ويزيد من عائد الاستثمار لكل قطعة محتوى يتم إنتاجها، مما يتيح إنشاء خط إنتاج واحد وموحد.
بعد الإبادة الجماعية عام 1994 في رواندا، فقد العديد من الروانديين الثقة في بعض المؤسسات الكنسية التي تورط قادتها في الأحداث. في المقابل، اكتسب المجتمع المسلم احترامًا وسمعة إيجابية واسعة لدوره الإيجابي في مرحلة ما بعد الإبادة الجماعية، بما في ذلك قيام أفراده بإيواء وحماية التوتسي وعدم مشاركتهم في المذابح. هذه السمعة الطيبة خلقت تصورًا عامًا إيجابيًا للإسلام وتتناقض بشكل حاد مع الموقف المتخاذل لبعض القادة المسيحيين، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في الاهتمام بالإسلام ومعدلات اعتناقه، حتى أن بعض التقارير تشير إلى دخول ما يصل إلى 1000 شخص جديد في الإسلام شهريًا في رواندا، واعتماد عائلات مسيحية بأكملها للإسلام.
نظرًا لاعتماد النظام الرقمي في المنطقة بشكل أساسي على الهواتف المحمولة، ستتبنى الاستراتيجية مبدأ "الهاتف المحمول أولاً". ستركز على منصات التواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا وشعبية، بما في ذلك:
- فيسبوك: هو المنصة المهيمنة في البلدان الثلاثة، حيث يمتلك أعلى حصة في السوق.
- واتساب: يعتبر شريان الحياة للتواصل وأكثر تطبيقات الاتصال انتشارًا في أفريقيا، وهو القناة المثالية للمشاركة المباشرة وتوزيع المحتوى على المجموعات.
- يوتيوب وتيك توك: منصتان حيويتان لسرد القصص المرئية والوصول إلى الجيل القادم، حيث يُعد يوتيوب منصة رئيسية لمحتوى الفيديو الأطول (الخطب، الأفلام الوثائقية)، وتبرز إمكانيات تيك توك في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
بالإضافة إلى ذلك، ستشمل الخطة نموذج توزيع هجين يجمع بين الوصول عبر الإنترنت والمشاركة دون اتصال، لضمان وصول أوسع شريحة ممكنة من الجمهور، حيث يمكن تنزيل المحتوى ومشاركته بسهولة عبر تطبيقات مثل واتساب للاستهلاك دون الحاجة إلى اتصال دائم بالإنترنت.
بناءً على التحليل الاجتماعي والثقافي للمنطقة، سيتم تصميم المحتوى بدقة فائقة، ولن تكون الرسالة الأساسية "اعتنق الإسلام"، بل "ساهم في مجتمعك". سيركز المحتوى على ركائز أساسية تتناغم مع السياق الثقافي الحساس للمنطقة وجهود إعادة البناء الوطني، وتشمل:
- السلام والمصالحة: الاستفادة المباشرة من السمعة الإيجابية للمجتمع المسلم في رواندا بعد الإبادة الجماعية، وتضمين قصص عن التسامح والوئام بين الطوائف وتعاليم الإسلام التي تناهض القبلية والعنصرية.
- الوحدة والهوية المشتركة: تسليط الضوء على القيم العالمية للإسلام وقدرته على تجاوز الانقسامات العرقية والاجتماعية، بما يتوافق مع روح الهوية الوطنية الموحدة في رواندا.
- قيم الأسرة والمجتمع: إنشاء محتوى يعزز القيمة الثقافية العالية للأسرة واحترام كبار السن والتضامن المجتمعي، مع رسم أوجه التشابه مع المبادئ الإسلامية.
- السرد التاريخي الإيجابي: إنتاج محتوى حول تاريخ الإسلام في المنطقة، مع التركيز على المساهمات الإيجابية للتجار المسلمين الأوائل وصمود المجتمع في وجه التهميش الاستعماري.
- التقاليد الشفهية والتواصل غير المباشر: نظرًا لأن رواية القصص والموسيقى والرقص هي جزء أساسي من التعبير الثقافي ونقل المعرفة، سيكون المحتوى السمعي البصري (البودكاست، الفيديوهات السردية، القصص المصورة) أكثر فعالية بكثير من المواد التي تعتمد على النصوص بكثافة. كما أن الثقافة البوروندية، على وجه الخصوص، تقدر التواصل غير المباشر للحفاظ على الانسجام، مما يعزز الحاجة إلى نهج دعوي لطيف وغير صدامي يستخدم الأمثلة والقصص الإيجابية بدلاً من الجدل اللاهوتي المباشر.
يجب أن تلتزم المبادرة بشكل صارم بالاعتبارات القانونية والأخلاقية لضمان تنفيذها بمسؤولية وشفافية. وتشمل هذه الضوابط:
- الامتثال القانوني: الالتزام بقوانين حماية البيانات ومتطلبات تسجيل المنظمات الدينية في كل من رواندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية. في رواندا، يتطلب ذلك موافقة صريحة لجمع البيانات وسياسات خصوصية واضحة، وتسجيل المنظمات الدينية يفرض متطلبات صارمة بما في ذلك الشهادات اللاهوتية الإلزامية للقادة.
- دقة المحتوى: يجب فحص جميع المحتويات المنتجة، خاصة عند استخدام الذكاء الاصطناعي، بدقة من قبل علماء مؤهلين لمنع المعلومات المضللة وضمان السلامة اللاهوتية.
- الحساسية الثقافية: يجب تجنب أي محتوى يمكن أن يُنظر إليه على أنه يهاجم المعتقدات المسيحية أو التقاليد المحلية. يجب أن يكون النهج الدعوي مبنيًا على القيم المشتركة وغير صدامي.
- خصوصية المستخدم: يجب أن تكون هناك شفافية مع المستخدمين حول كيفية جمع وتخزين واستخدام أي بيانات.
- تجنب التشابكات السياسية: يجب أن تظل المبادرة الدعوية غير سياسية تمامًا، وتركز على الأمور الروحية والمجتمعية للحفاظ على نزاهتها وتجنب التدقيق الحكومي.
من المتوقع أن يكون للتنفيذ الناجح لهذه الاستراتيجية تأثير متعدد الأوجه:
- للمجتمع المسلم: ستوفر المبادرة موارد تعليمية تشتد الحاجة إليها بلغتهم الأم، مما يعزز هوية إسلامية أقوى وأكثر معرفة. ستمكن الدعاة المحليين بمهارات القرن الحادي والعشرين.
- للمجتمع الأوسع: ستزيد المبادرة من وضوح صورة إيجابية وسلمية ومجتمعية للإسلام، مما يساعد على تفكيك الصور النمطية السلبية. يمكنها أن تضع المجتمع المسلم كشريك بناء في بناء الأمة، من خلال التوافق مع القيم الوطنية للوحدة والمصالحة.
- بناء الجسور الثقافية: من خلال جعل المعرفة الإسلامية متاحة ومفهومة بلغة الكينيارواندا، ستبني المبادرة جسرًا حاسمًا للحوار بين الأديان، مما يقلل من سوء الفهم ويعزز مناخًا من الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.